السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياكن الله وبياكن أخياتي الحبيبات
بعون الله تعالى ,سيكون الموضوع عن أحكام دماء النساء
وهي أحكام الحيض والإستحاضة والنفاس أيضا
فنحن النساء بحاجة إلى تعلم هذه الأمور ,وزيادة التفقة فيها ,وستكون الفتاوى التي أنقلها لكن هنا مأخوذة من ردود علماء الأمة الثقات على أسئلة عن الموضوع
ويسر الله لنا مافيه خير وصلاح.
ملاحظة:
سيكون الموضوع مقفلا ,ليكون مرجعا لنا جميعا في المسائل الفقهية
وسنفتح موضوعا آخر للمناقشة والتعقيب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال الأول :
كما لا يخفاكم أن كتاب الحيض يعتبر من أهم الكتب التي اعتني العلماء-رحمهم الله-بمسائلها ولكن يلاحظ أن مسائله تحتاج إلى شيء من المنهجية والعناية فهلا تفضلتم ببيان بعض الأمور المهمة التي تساعد طلاب العلم على ضبطه وإتقانه..؟؟
الجواب:
بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :
فلا حول ولا قوة إلا بالله الأمر كله بتوفيق الله عز وجل ، وإذا ألهم الله عبده الصواب سهل له طريقه وثبته عليه -ونسأل الله العظيم أن يجعلنا وإياكم ذلك الرجل- وما توفيقنا إلا بالله ولا حول ولا قوة إلا بالله ،لكن هناك أمور إذا تيسرت لطالب العلم خاصةً في الأبواب الصعبة تكون معينة له على الضبط والتحصيل وباب الحيض كما ذُكر باب مهم ، الإمام أحمد -رحمه الله-وهو في جلالة علمه وقدره-رحمه الله برحمته الواسعة- " يقول مكثتُ في الحيض تسع سنين حتى علمته "، وهذا يدل على عظم هذا الباب وخاصة أن مسائله تتعلق بالعبادات وبالمعاملات والناس يقعون فيه في حرج عظيم ويُشكل على طلاب العلم ضبطه وذلك لأسباب خاصة عند تشعب المسائل وتعددها ، وكان بعض المشائخ -رحمه الله- يلاطف إذا قيل له إن باب الحيض باب مهم أو باب مزعج أو باب يحتاج إلى ضبط يقول هذا الباب صعب عليَّ أن أفهمكموه وصعب أن تفهموه لأنني لا أحيض ولا تحيضون ، فالإشكال في باب الحيض أن الرجل يتعامل مع شئ على سبيل التصور لا على سبيل التطبيق فهو شيء ينقل للإنسان دون أن يعلم حقيقته في الغالب ، وإن كان لا يخلو الإنسان مع وجود الأهل والزوج قد يطلع على بعض الأمور وقد يدرك بعض الأمور لكن من صعوبة هذا الباب وجود قضية التصور ، ولذلك قد يقع بعض طلاب العلم في شيء من اللبس المبني على فرضية سؤال لا حقيقة له لأنه لم يعلم الحيض ما هو ولذلك يفرض أشياء في ذهنه فإذا لم يكن هناك منهج في دراسة أبواب الحيض ومسائل الحيض ربما أن طالب العلم يصل إلى شيء من التشويش في مسائله وعدم ضبطه ، ولكن هناك أمور : أولها : باب الحيض يحتاج إلى قضية التصور ، وقبل أن يدخل طالب العلم لأي مسألة وهذه قاعدة ومنهجية متبعة في مسائل الخلاف الفقهي ، أي مسألة خلافية بين العلماء لا تدخل فيها ولا تحاول أن تبحثها حتى تتصورها التصور الكامل وهذا التصور يحتاج منك إلى الرجوع إلى الحقائق الشرعية التي يسمونها مثلاً التعريفات اللغوية الموجودة في كتب اللغة ، قالوا مثلاً الصفرة الكدرة قبل أن تبحث موقف العلماء من الصفرة والكدرة تسأل ماهى حقيقة الصفرة وماهي حقيقة الكدرة ؟ وتستعين بعد الله عز وجل بسؤال أهل الخبرة من العلماء أو من الناس أو تبحث في كتب اللغة التي تصور هذه الحقائق هذه الحقيقة اللغوية .ثانياً : الحقيقة الشرعية للمصطلح الذي تريد أن تبحث عن موقف العلماء -رحمهم الله- منه ، بعد الإلمام بجزئية التصور ينتقل طالب العلم إلى جزئية الأحكام ، فإذا كان الحكم مجمعاً عليه فلا إشكال وإن كان مختلفاً فيه كما ذكرنا في المسائل الخلافية تنتقل للأقوال وتراعي فهم كل قول ومراده ، يعني شخص يقول الصفرة والكدرة بعد الطهر ليست بشيء والصفرة والكدرة في امكان الحيض حيض تحتاج أن تعرف ما معنى قوله بعد الطهر ، وما معنى قوله في امكان الحيض كل قول يرد في المسألة تحاول أن تتصوره كذلك .
بعد ما تنتهي من جزئيات الأقوال تنتقل إلى تحديد محل الخلاف بين الأقوال التي وردت في المسألة ، إن كان الأول يقول هي حيض والثاني يقول ليست بحيض تعرف الذي أين ينحصر محل الخلاف فالصفرة والكدرة تحدد محل الخلاف في الصفرة والكدرة ، في التمييز تحدد محل الخلاف في التمييز ، وهكذا تحديد محل الخلاف بعد الأقوال .
بعد أن تنتهي من تحديد محل الخلاف تبحث في الأدلة والردود والمناقشات ثم تتوصل إلى القول الراجح في المسألة ، طبعاً هذا يحتاج إلى الرجوع إلى العلماء ومن قرأ باب الحيض يفضل أن يقرأه أولاً بقول واحد بالدليل -يعني لا يقرؤه بالخلافات- ، إنما يقرؤه بقول واحد بالدليل بعد أن يتقن هذا القول يلقى الله سبحانه وتعالى بقول له دليل -يعني لا مانع أن تقرأ متناً فقهياً في كتاب الحيض-؛لكن بشرط أن يكون مدللاً له دليله وتفهم هذا الاستدلال ، بعد أن تضبط هذا القول تنتقل إلى من خالفك وما دليله وما حجته وهل الحق فيما قرأته أو عند من خالفك ، هذا بالنسبة لمسألة الضبط الأولى للمسائل ، بعد هذا تبقى مسألة ترتيب الأفكار لا تدخل لخلاف أولجزئيات في الحيض حتى ترتب هذه الجزئيات على ما قبلها فلا يستطيع طالب العلم أن يدخل في مسائل الطهر قبل أن يعرف أقل الحيض وأكثر الحيض ، فأولاً يضبط أقل الحيض ويضبط أكثر الحيض ثم بعد ذلك يبني على ما اختل أو مسائل المستحاضة التي يحتاج فيها إلى معرفة الطهر وعلامة الطهر ونقاء المرأة والحكم بطهرها ، لابد من ترتيب الأفكار تبدأ بأقل الحيض قبل أن تبحث أكثر الحيض تبدأ بأقل سن تحيض فيه المرأة قبل أن تبحث ما هو آخر سن وهو سن اليأس إلى غير ذلك من الأمور التي ينبغي أن يراعيها الإنسان في ترتيب الأفكار .
كان العلماء -رحمهم الله- يبتدنون أولاً بذكر أقل سن تحيض فيه المرأة ، وبعد ذلك يبدؤون بمسألة المبتدئة وهي المرأة التي وقع معها الحيض لأول مرة، ثم يذكرون تمييزها ثم يذكرون العادة ثم يتوسعون بعد ذلك في مباحث الاستحاضة ومسائلها.
بعد ترتيب الأفكار وهي الجزئية الثالثة بعد أن يرتب طالب العلم الأفكار وينتقل لباب الحيض بأفكاره يحرص على كثرة المراجعة ؛ لأن باب الحيض إذا لم يراجع ويستديم طالب العلم مراجعته فإنه سرعان ما ينساه يحتاج إلى كثرة مراجعة ومذاكرة ، ولذلك يستحب لطالب العلم أن يحضر مجالس العلم معه طالب أو طالبين أو ثلاثة يراجع معهم في الأسبوع مرة أو مرتين وهذا مما ينبغي وهو الرفقة في طلب العلم هذا أيضاً مما يعين ، تبقى أمور مساعدة وهي أن باب الحيض قد يحصل فيه الملل والسآمة ؛ ولكن علمك أن الله يأجرك ، وعلمك أن الله يثيبك وأن الله لا يضيع سعيك ، وأنك على ثغر من ثغور الإسلام بضبطك لهذا الباب وضبطك لهذه المسائل ، وأن الله يفرج بك كربة السائل وأن الله-u-يجعل لك من دعاء المسلمين وصالح رجائهم مما تفرجه عنهم من الكربات إذا سألوك ، أو أنزلوا بك المسائل يهون عليك هذه الصعاب بإذن الله عز وجل، طالب العلم كلما أصابته السآمة والملل في طلب العلم يتعزى بعظيم الأجر من الله ، ولابد في العلم من السآمة والملل ولكن حاجتان تنتبه لهما :
إياك أن تتكلم عن هذه السآمة تقول مللت وسئمت لا ينبغي هذا ، فإن الله يغفر لك ما في نفسك من السآمة من العلم ما لم تتكلم أو تتحدث ، فبعض طلاب العلم يقول هذا باب مزعج هذا باب ممل هكذا لا يجوز للإنسان أن يتكلم بشيء فيه حط أو نقص لهذا العلم ، العلم يجل ويكرم ولا يهان ، ويعز ولا يذل ، ويحفظ ولا يضيع إن قدرت على ضبطه فاحمد الله الذي وفقك والفضل كله لله ، وإن لم تقدر على ضبطه وتحصيله فرد ذلك إلى ذنوبك ، كان شيخ الإسلام -رحمه الله- يقول :
إنه ليستغلق عليَّ في المسألة فأستغفر الله وأكثر من الاستغفار حتى يفتح الله علي وهو خير الفاتحين ، فقد يحرم الله طالب العلم الفهم بسبب الذنوب فإذا وجدت سوء الفهم لاترده إلى الباب ولا إلى المسائل ؛ لأن الله وصف العلم بأنه ثقيل: { إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً} ولكن رد ذلك إلى ذنوبك وإلى تقصيرك وأنك لم تعط العلم كليتك ، ولذلك كانوا يقولون أعط العلم كلك يعطك بعضه ، فكيف بمن أعطى العلم بعضه؟؟ فعلى العموم لابد من دفع هذه السآمة في الكتب التي قد يظن أنها مملة أو قد يشعر الإنسان بها .
الشيء الثاني : لا تعرض عن مجالس العلم ولووجدت شيئاً من السآمة والملل فقل هذا علم ومادام أنه يؤخذ من كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم ويذكرها أئمة عرفوا بأمانتهم وإخلاصهم من أئمة السلف- رحمهم الله-ومن اهتدى بهديهم من ا لخلف فقل إنني على خير يؤخذ من كتاب الله ورحمة ما دمت في هذا المجلس الذي يذكر فيه الله عز وجل وأرجو من الله أن يعظم لي الأجر ، فقد يكون أجر الإنسان في مجالس العلم التي تكون عزيزة وثقيلة قد يكون أعظم من المجالس التي يأنس فيها ويرتاح بمعرفة بعض الأمور ، على العموم على طالب العلم أن يضبط هذه المسائل ويفضّل أن يكون هناك شيئاً من التركيز ثم يأخذ الإنسان الشريط للدرس ثم يراجعه وينقله ويمليه ، ثم يحاول أن يكرره ثم يذاكر وبإذن الله عز وجل إذا خلصت النية وصحت العزيمة فما بعد ذلك إلا التوفيق من الله- نسأل الله العظيم أن يوفقنا إلى ما يحبه ويرضاه- ، والله تعالى أعلم .
أجاب عليه
العلامة /محمد المختار الشنقيطي .
حياكن الله وبياكن أخياتي الحبيبات
بعون الله تعالى ,سيكون الموضوع عن أحكام دماء النساء
وهي أحكام الحيض والإستحاضة والنفاس أيضا
فنحن النساء بحاجة إلى تعلم هذه الأمور ,وزيادة التفقة فيها ,وستكون الفتاوى التي أنقلها لكن هنا مأخوذة من ردود علماء الأمة الثقات على أسئلة عن الموضوع
ويسر الله لنا مافيه خير وصلاح.
ملاحظة:
سيكون الموضوع مقفلا ,ليكون مرجعا لنا جميعا في المسائل الفقهية
وسنفتح موضوعا آخر للمناقشة والتعقيب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال الأول :
كما لا يخفاكم أن كتاب الحيض يعتبر من أهم الكتب التي اعتني العلماء-رحمهم الله-بمسائلها ولكن يلاحظ أن مسائله تحتاج إلى شيء من المنهجية والعناية فهلا تفضلتم ببيان بعض الأمور المهمة التي تساعد طلاب العلم على ضبطه وإتقانه..؟؟
الجواب:
بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :
فلا حول ولا قوة إلا بالله الأمر كله بتوفيق الله عز وجل ، وإذا ألهم الله عبده الصواب سهل له طريقه وثبته عليه -ونسأل الله العظيم أن يجعلنا وإياكم ذلك الرجل- وما توفيقنا إلا بالله ولا حول ولا قوة إلا بالله ،لكن هناك أمور إذا تيسرت لطالب العلم خاصةً في الأبواب الصعبة تكون معينة له على الضبط والتحصيل وباب الحيض كما ذُكر باب مهم ، الإمام أحمد -رحمه الله-وهو في جلالة علمه وقدره-رحمه الله برحمته الواسعة- " يقول مكثتُ في الحيض تسع سنين حتى علمته "، وهذا يدل على عظم هذا الباب وخاصة أن مسائله تتعلق بالعبادات وبالمعاملات والناس يقعون فيه في حرج عظيم ويُشكل على طلاب العلم ضبطه وذلك لأسباب خاصة عند تشعب المسائل وتعددها ، وكان بعض المشائخ -رحمه الله- يلاطف إذا قيل له إن باب الحيض باب مهم أو باب مزعج أو باب يحتاج إلى ضبط يقول هذا الباب صعب عليَّ أن أفهمكموه وصعب أن تفهموه لأنني لا أحيض ولا تحيضون ، فالإشكال في باب الحيض أن الرجل يتعامل مع شئ على سبيل التصور لا على سبيل التطبيق فهو شيء ينقل للإنسان دون أن يعلم حقيقته في الغالب ، وإن كان لا يخلو الإنسان مع وجود الأهل والزوج قد يطلع على بعض الأمور وقد يدرك بعض الأمور لكن من صعوبة هذا الباب وجود قضية التصور ، ولذلك قد يقع بعض طلاب العلم في شيء من اللبس المبني على فرضية سؤال لا حقيقة له لأنه لم يعلم الحيض ما هو ولذلك يفرض أشياء في ذهنه فإذا لم يكن هناك منهج في دراسة أبواب الحيض ومسائل الحيض ربما أن طالب العلم يصل إلى شيء من التشويش في مسائله وعدم ضبطه ، ولكن هناك أمور : أولها : باب الحيض يحتاج إلى قضية التصور ، وقبل أن يدخل طالب العلم لأي مسألة وهذه قاعدة ومنهجية متبعة في مسائل الخلاف الفقهي ، أي مسألة خلافية بين العلماء لا تدخل فيها ولا تحاول أن تبحثها حتى تتصورها التصور الكامل وهذا التصور يحتاج منك إلى الرجوع إلى الحقائق الشرعية التي يسمونها مثلاً التعريفات اللغوية الموجودة في كتب اللغة ، قالوا مثلاً الصفرة الكدرة قبل أن تبحث موقف العلماء من الصفرة والكدرة تسأل ماهى حقيقة الصفرة وماهي حقيقة الكدرة ؟ وتستعين بعد الله عز وجل بسؤال أهل الخبرة من العلماء أو من الناس أو تبحث في كتب اللغة التي تصور هذه الحقائق هذه الحقيقة اللغوية .ثانياً : الحقيقة الشرعية للمصطلح الذي تريد أن تبحث عن موقف العلماء -رحمهم الله- منه ، بعد الإلمام بجزئية التصور ينتقل طالب العلم إلى جزئية الأحكام ، فإذا كان الحكم مجمعاً عليه فلا إشكال وإن كان مختلفاً فيه كما ذكرنا في المسائل الخلافية تنتقل للأقوال وتراعي فهم كل قول ومراده ، يعني شخص يقول الصفرة والكدرة بعد الطهر ليست بشيء والصفرة والكدرة في امكان الحيض حيض تحتاج أن تعرف ما معنى قوله بعد الطهر ، وما معنى قوله في امكان الحيض كل قول يرد في المسألة تحاول أن تتصوره كذلك .
بعد ما تنتهي من جزئيات الأقوال تنتقل إلى تحديد محل الخلاف بين الأقوال التي وردت في المسألة ، إن كان الأول يقول هي حيض والثاني يقول ليست بحيض تعرف الذي أين ينحصر محل الخلاف فالصفرة والكدرة تحدد محل الخلاف في الصفرة والكدرة ، في التمييز تحدد محل الخلاف في التمييز ، وهكذا تحديد محل الخلاف بعد الأقوال .
بعد أن تنتهي من تحديد محل الخلاف تبحث في الأدلة والردود والمناقشات ثم تتوصل إلى القول الراجح في المسألة ، طبعاً هذا يحتاج إلى الرجوع إلى العلماء ومن قرأ باب الحيض يفضل أن يقرأه أولاً بقول واحد بالدليل -يعني لا يقرؤه بالخلافات- ، إنما يقرؤه بقول واحد بالدليل بعد أن يتقن هذا القول يلقى الله سبحانه وتعالى بقول له دليل -يعني لا مانع أن تقرأ متناً فقهياً في كتاب الحيض-؛لكن بشرط أن يكون مدللاً له دليله وتفهم هذا الاستدلال ، بعد أن تضبط هذا القول تنتقل إلى من خالفك وما دليله وما حجته وهل الحق فيما قرأته أو عند من خالفك ، هذا بالنسبة لمسألة الضبط الأولى للمسائل ، بعد هذا تبقى مسألة ترتيب الأفكار لا تدخل لخلاف أولجزئيات في الحيض حتى ترتب هذه الجزئيات على ما قبلها فلا يستطيع طالب العلم أن يدخل في مسائل الطهر قبل أن يعرف أقل الحيض وأكثر الحيض ، فأولاً يضبط أقل الحيض ويضبط أكثر الحيض ثم بعد ذلك يبني على ما اختل أو مسائل المستحاضة التي يحتاج فيها إلى معرفة الطهر وعلامة الطهر ونقاء المرأة والحكم بطهرها ، لابد من ترتيب الأفكار تبدأ بأقل الحيض قبل أن تبحث أكثر الحيض تبدأ بأقل سن تحيض فيه المرأة قبل أن تبحث ما هو آخر سن وهو سن اليأس إلى غير ذلك من الأمور التي ينبغي أن يراعيها الإنسان في ترتيب الأفكار .
كان العلماء -رحمهم الله- يبتدنون أولاً بذكر أقل سن تحيض فيه المرأة ، وبعد ذلك يبدؤون بمسألة المبتدئة وهي المرأة التي وقع معها الحيض لأول مرة، ثم يذكرون تمييزها ثم يذكرون العادة ثم يتوسعون بعد ذلك في مباحث الاستحاضة ومسائلها.
بعد ترتيب الأفكار وهي الجزئية الثالثة بعد أن يرتب طالب العلم الأفكار وينتقل لباب الحيض بأفكاره يحرص على كثرة المراجعة ؛ لأن باب الحيض إذا لم يراجع ويستديم طالب العلم مراجعته فإنه سرعان ما ينساه يحتاج إلى كثرة مراجعة ومذاكرة ، ولذلك يستحب لطالب العلم أن يحضر مجالس العلم معه طالب أو طالبين أو ثلاثة يراجع معهم في الأسبوع مرة أو مرتين وهذا مما ينبغي وهو الرفقة في طلب العلم هذا أيضاً مما يعين ، تبقى أمور مساعدة وهي أن باب الحيض قد يحصل فيه الملل والسآمة ؛ ولكن علمك أن الله يأجرك ، وعلمك أن الله يثيبك وأن الله لا يضيع سعيك ، وأنك على ثغر من ثغور الإسلام بضبطك لهذا الباب وضبطك لهذه المسائل ، وأن الله يفرج بك كربة السائل وأن الله-u-يجعل لك من دعاء المسلمين وصالح رجائهم مما تفرجه عنهم من الكربات إذا سألوك ، أو أنزلوا بك المسائل يهون عليك هذه الصعاب بإذن الله عز وجل، طالب العلم كلما أصابته السآمة والملل في طلب العلم يتعزى بعظيم الأجر من الله ، ولابد في العلم من السآمة والملل ولكن حاجتان تنتبه لهما :
إياك أن تتكلم عن هذه السآمة تقول مللت وسئمت لا ينبغي هذا ، فإن الله يغفر لك ما في نفسك من السآمة من العلم ما لم تتكلم أو تتحدث ، فبعض طلاب العلم يقول هذا باب مزعج هذا باب ممل هكذا لا يجوز للإنسان أن يتكلم بشيء فيه حط أو نقص لهذا العلم ، العلم يجل ويكرم ولا يهان ، ويعز ولا يذل ، ويحفظ ولا يضيع إن قدرت على ضبطه فاحمد الله الذي وفقك والفضل كله لله ، وإن لم تقدر على ضبطه وتحصيله فرد ذلك إلى ذنوبك ، كان شيخ الإسلام -رحمه الله- يقول :
إنه ليستغلق عليَّ في المسألة فأستغفر الله وأكثر من الاستغفار حتى يفتح الله علي وهو خير الفاتحين ، فقد يحرم الله طالب العلم الفهم بسبب الذنوب فإذا وجدت سوء الفهم لاترده إلى الباب ولا إلى المسائل ؛ لأن الله وصف العلم بأنه ثقيل: { إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً} ولكن رد ذلك إلى ذنوبك وإلى تقصيرك وأنك لم تعط العلم كليتك ، ولذلك كانوا يقولون أعط العلم كلك يعطك بعضه ، فكيف بمن أعطى العلم بعضه؟؟ فعلى العموم لابد من دفع هذه السآمة في الكتب التي قد يظن أنها مملة أو قد يشعر الإنسان بها .
الشيء الثاني : لا تعرض عن مجالس العلم ولووجدت شيئاً من السآمة والملل فقل هذا علم ومادام أنه يؤخذ من كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم ويذكرها أئمة عرفوا بأمانتهم وإخلاصهم من أئمة السلف- رحمهم الله-ومن اهتدى بهديهم من ا لخلف فقل إنني على خير يؤخذ من كتاب الله ورحمة ما دمت في هذا المجلس الذي يذكر فيه الله عز وجل وأرجو من الله أن يعظم لي الأجر ، فقد يكون أجر الإنسان في مجالس العلم التي تكون عزيزة وثقيلة قد يكون أعظم من المجالس التي يأنس فيها ويرتاح بمعرفة بعض الأمور ، على العموم على طالب العلم أن يضبط هذه المسائل ويفضّل أن يكون هناك شيئاً من التركيز ثم يأخذ الإنسان الشريط للدرس ثم يراجعه وينقله ويمليه ، ثم يحاول أن يكرره ثم يذاكر وبإذن الله عز وجل إذا خلصت النية وصحت العزيمة فما بعد ذلك إلا التوفيق من الله- نسأل الله العظيم أن يوفقنا إلى ما يحبه ويرضاه- ، والله تعالى أعلم .
أجاب عليه
العلامة /محمد المختار الشنقيطي .