- ( وعن ابن عباس : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب لبنا فمضمض وقال : إن له دسما } . رواه أحمد والبخاري ) .
المصدر سنن ابي داوود
اسم الكتاب الطهاره
رقم الحديث بالكتاب 196
3759 - ( وعن أنس { أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بلبن قد شيب بماء , وعن يمينه أعرابي وعن يساره أبو بكر , فشرب ثم أعطى الأعرابي وقال : الأيمن فالأيمن } رواه الجماعة إلا النسائي ) . سنن ابي داوود
3760 - ( وعن سهل بن سعد : { أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بشراب فشرب منه , وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ , فقال للغلام : أتأذن لي أن أعطي هؤلاء ؟ فقال الغلام : والله يا رسول الله لا آثرت بنصيبي منك أحدا فتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده } . متفق عليه ) . صحيح البخاري
3761 - ( وعن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ساقي القوم آخرهم شربا } رواه ابن ماجه والترمذي وصححه ) ابن ماجه
حديث أبي قتادة أخرجه أيضا أبو داود , قال المنذري : ورجال إسناده ثقات . وقد e]ص: 228 ] أخرج مسلم في حديث أبي قتادة الأنصاري الطويل " قلت : لا أشرب حتى يشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن الساقي آخرهم " قوله : ( فمضمض ) فيه مشروعية المضمضة بعد شراب اللبن . وقد روى أبو جعفر الطبري من طريق عقيل عن ابن شهاب بلفظ { تمضمضوا من شرب اللبن } والعلة : الدسومة الكائنة في اللبن , والتعليل بذلك يشعر بأن ما كان له دسومة من مأكول أو مشروب فإنها تشرع له المضمضة قوله : ( قد شيب بماء ) أي مزج بالماء , وإنما كانوا يمزجونه بالماء لأن اللبن يكون عند حلبه حارا وتلك البلاد في الغالب حارة , فكانوا يمزجونه بالماء لذلك قوله : ( ثم أعطى الأعرابي وقال : الأيمن فالأيمن ) يجوز أن يكون قوله : الأيمن مبتدأ خبره محذوف : أي الأيمن مقدم أو أحق , ويجوز أن يكون منصوبا على تقدير قدموا الأيمن أو اعطوا .
وفيه دليل على أنه يقدم من على يمين الشارب في الشرب وهلم جرا , وهو مستحب عند الجمهور .
وقال ابن حزم : يجب , ولا فرق بين شراب اللبن وغيره كما في حديث سهل بن سعد وغيره . ونقل عن مالك أنه خصه بالماء . قال ابن عبد البر : لا يصح عن مالك . وقال عياض : يشبه أن يكون مراده أن السنة ثبتت نصا في الماء خاصة , وتقديم الأيمن في غير شرب الماء يكون بالقياس . قال ابن العربي : كان اختصاص الماء بذلك لكونه قد قيل إنه لا يملك بخلاف سائر المشروبات , ومن ثم اختلف هل يجري الربا فيه وهو يقطع في سرقته ا هـ .
ولا يخفى أن حديث أنس نص في اللبن . وحديث سهل بن سعد يعم الماء وغيره , فتأويل قول مالك بأن السنة ثبتت في الماء لا يصح قوله : ( أتأذن لي أن أعطي هؤلاء ) ظاهر في أنه لو أذن له لأعطاهم . ويؤخذ منه جواز الإيثار بمثل ذلك وهو مشكل على ما اشتهر من أنه لا إيثار بالقرب . وعبارة إمام الحرمين في هذا لا يجوز التبرع في العبادات ويجوز في غيرها , وقد يقال إن القرب أعم من العبادة . وقد أورد على هذه القاعدة تجويز جذب واحد من الصف الأول ليصلي معه , فإن خروج المجذوب من الصف الأول لقصد تحصيل فضيلة للجاذب وهي الخروج من الخلاف في بطلان صلاته .
ويمكن الجواب بأنه لا إيثار إذ حقيقة الإيثار عطاء ما استحقه لغيره , وهذا لم يعط الجاذب شيئا , وإنما رجح مصلحته لأن مساعدة الجاذب على تحصيل مقصوده ليس فيها إعطاؤه ما كان يحصل للمجذوب لو لم يوافقه . قوله : ( فتله ) بفتح المثناة من فوق وتشديد اللام : أي وضعه . وقال الخطابي : وضعه بعنف وأصله من الرمي على التل وهو المكان العالي المرتفع , ثم استعمل في كل شيء رمي به وفي كل إلقاء . وقيل : هو من التلتل بلام ساكنة بين المثناتين المفتوحتين وآخره لام وهو العنق . ومنه { وتله للجبين } : أي صرعه فألقى عنقه وجعل جبينه إلى الأرض , والتفسير الأول أليق بمعنى حديث الباب , وقد أنكر بعضهم تقييد الخطابي e]ص: 229 ] الوضع بالعنف . وظاهر هذا أن تقديم الذي على اليمين ليس لمعنى فيه بل لمعنى من جهة اليمين وهو فضلها على جهة اليسار .
فيؤخذ منه أن ذلك ليس ترجيحا لمن هو على اليمين بل هو ترجيح لجهة اليمين , وقد يعارض حديث أنس وسهل المذكورين حديث سهل بن أبي حثمة الذي تقدم في القسامة بلفظ " كبر كبر " وكذلك حديث ابن عباس الذي أخرجه أبو يعلى بسند قوي قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سقى قال : ابدءوا بالأكبر } ويجمع بأنه محمول على الحالة التي يجلسون فيها متساوين أما بين يدي الكبير أو عن يساره كلهم أو خلفه . قال ابن المنير : يؤخذ من هذا الحديث أنها إذا تعارضت فضيلة الفاضل وفضيلة الوظيفة اعتبرت فضيلة الوظيفة .
قوله : ( ساقي القوم آخرهم شربا ) فيه دليل على أنه يشرع لمن تولى سقاية قوم أن يتأخر في الشرب حتى يفرغوا عن آخرهم .
وفيه إشارة إلى أن كل من ولي من أمور المسلمين شيئا يجب عليه تقديم إصلاحهم على ما يخص نفسه , وأن يكون غرضه إصلاح حالهم وجر المنفعة إليهم ودفع المضار عنهم , والنظر لهم في دق أمورهم وجلها , وتقديم مصلحتهم على مصلحته . وكذا من يفرق على القوم فاكهة , فيبدأ بسقي كبير القوم أو بمن عن يمينه إلى آخرهم وما بقي شربه , ولا معارضة بين هذا الحديث وحديث " ابدأ بنفسك " لأن ذاك عام وهذا خاص فيبنى العام على الخاص .
منقول : الشبكه الاسلاميه
كتاب الاشربه
المصدر سنن ابي داوود
اسم الكتاب الطهاره
رقم الحديث بالكتاب 196
3759 - ( وعن أنس { أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بلبن قد شيب بماء , وعن يمينه أعرابي وعن يساره أبو بكر , فشرب ثم أعطى الأعرابي وقال : الأيمن فالأيمن } رواه الجماعة إلا النسائي ) . سنن ابي داوود
3760 - ( وعن سهل بن سعد : { أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بشراب فشرب منه , وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ , فقال للغلام : أتأذن لي أن أعطي هؤلاء ؟ فقال الغلام : والله يا رسول الله لا آثرت بنصيبي منك أحدا فتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده } . متفق عليه ) . صحيح البخاري
3761 - ( وعن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ساقي القوم آخرهم شربا } رواه ابن ماجه والترمذي وصححه ) ابن ماجه
حديث أبي قتادة أخرجه أيضا أبو داود , قال المنذري : ورجال إسناده ثقات . وقد e]ص: 228 ] أخرج مسلم في حديث أبي قتادة الأنصاري الطويل " قلت : لا أشرب حتى يشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن الساقي آخرهم " قوله : ( فمضمض ) فيه مشروعية المضمضة بعد شراب اللبن . وقد روى أبو جعفر الطبري من طريق عقيل عن ابن شهاب بلفظ { تمضمضوا من شرب اللبن } والعلة : الدسومة الكائنة في اللبن , والتعليل بذلك يشعر بأن ما كان له دسومة من مأكول أو مشروب فإنها تشرع له المضمضة قوله : ( قد شيب بماء ) أي مزج بالماء , وإنما كانوا يمزجونه بالماء لأن اللبن يكون عند حلبه حارا وتلك البلاد في الغالب حارة , فكانوا يمزجونه بالماء لذلك قوله : ( ثم أعطى الأعرابي وقال : الأيمن فالأيمن ) يجوز أن يكون قوله : الأيمن مبتدأ خبره محذوف : أي الأيمن مقدم أو أحق , ويجوز أن يكون منصوبا على تقدير قدموا الأيمن أو اعطوا .
وفيه دليل على أنه يقدم من على يمين الشارب في الشرب وهلم جرا , وهو مستحب عند الجمهور .
وقال ابن حزم : يجب , ولا فرق بين شراب اللبن وغيره كما في حديث سهل بن سعد وغيره . ونقل عن مالك أنه خصه بالماء . قال ابن عبد البر : لا يصح عن مالك . وقال عياض : يشبه أن يكون مراده أن السنة ثبتت نصا في الماء خاصة , وتقديم الأيمن في غير شرب الماء يكون بالقياس . قال ابن العربي : كان اختصاص الماء بذلك لكونه قد قيل إنه لا يملك بخلاف سائر المشروبات , ومن ثم اختلف هل يجري الربا فيه وهو يقطع في سرقته ا هـ .
ولا يخفى أن حديث أنس نص في اللبن . وحديث سهل بن سعد يعم الماء وغيره , فتأويل قول مالك بأن السنة ثبتت في الماء لا يصح قوله : ( أتأذن لي أن أعطي هؤلاء ) ظاهر في أنه لو أذن له لأعطاهم . ويؤخذ منه جواز الإيثار بمثل ذلك وهو مشكل على ما اشتهر من أنه لا إيثار بالقرب . وعبارة إمام الحرمين في هذا لا يجوز التبرع في العبادات ويجوز في غيرها , وقد يقال إن القرب أعم من العبادة . وقد أورد على هذه القاعدة تجويز جذب واحد من الصف الأول ليصلي معه , فإن خروج المجذوب من الصف الأول لقصد تحصيل فضيلة للجاذب وهي الخروج من الخلاف في بطلان صلاته .
ويمكن الجواب بأنه لا إيثار إذ حقيقة الإيثار عطاء ما استحقه لغيره , وهذا لم يعط الجاذب شيئا , وإنما رجح مصلحته لأن مساعدة الجاذب على تحصيل مقصوده ليس فيها إعطاؤه ما كان يحصل للمجذوب لو لم يوافقه . قوله : ( فتله ) بفتح المثناة من فوق وتشديد اللام : أي وضعه . وقال الخطابي : وضعه بعنف وأصله من الرمي على التل وهو المكان العالي المرتفع , ثم استعمل في كل شيء رمي به وفي كل إلقاء . وقيل : هو من التلتل بلام ساكنة بين المثناتين المفتوحتين وآخره لام وهو العنق . ومنه { وتله للجبين } : أي صرعه فألقى عنقه وجعل جبينه إلى الأرض , والتفسير الأول أليق بمعنى حديث الباب , وقد أنكر بعضهم تقييد الخطابي e]ص: 229 ] الوضع بالعنف . وظاهر هذا أن تقديم الذي على اليمين ليس لمعنى فيه بل لمعنى من جهة اليمين وهو فضلها على جهة اليسار .
فيؤخذ منه أن ذلك ليس ترجيحا لمن هو على اليمين بل هو ترجيح لجهة اليمين , وقد يعارض حديث أنس وسهل المذكورين حديث سهل بن أبي حثمة الذي تقدم في القسامة بلفظ " كبر كبر " وكذلك حديث ابن عباس الذي أخرجه أبو يعلى بسند قوي قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سقى قال : ابدءوا بالأكبر } ويجمع بأنه محمول على الحالة التي يجلسون فيها متساوين أما بين يدي الكبير أو عن يساره كلهم أو خلفه . قال ابن المنير : يؤخذ من هذا الحديث أنها إذا تعارضت فضيلة الفاضل وفضيلة الوظيفة اعتبرت فضيلة الوظيفة .
قوله : ( ساقي القوم آخرهم شربا ) فيه دليل على أنه يشرع لمن تولى سقاية قوم أن يتأخر في الشرب حتى يفرغوا عن آخرهم .
وفيه إشارة إلى أن كل من ولي من أمور المسلمين شيئا يجب عليه تقديم إصلاحهم على ما يخص نفسه , وأن يكون غرضه إصلاح حالهم وجر المنفعة إليهم ودفع المضار عنهم , والنظر لهم في دق أمورهم وجلها , وتقديم مصلحتهم على مصلحته . وكذا من يفرق على القوم فاكهة , فيبدأ بسقي كبير القوم أو بمن عن يمينه إلى آخرهم وما بقي شربه , ولا معارضة بين هذا الحديث وحديث " ابدأ بنفسك " لأن ذاك عام وهذا خاص فيبنى العام على الخاص .
منقول : الشبكه الاسلاميه
كتاب الاشربه